أنثى بنكهة الألم – ولاء_الهواري
بصراخ يصم الآذان قال لها:”سود الله وجهك كما سودتي وجهي أمام أبناء عمومتي..وعائلتي”
ثم ابتعد ببطء وظل يردد”لقد أنجبت أنثى..أنجبت عملً أسود ”
فقالت بتلعثم والعبرات تنهمر على وجنتيها كشلال ماء
“وهل بإرادتى..؟ فالله يرزق من يشاء إناثاً ويرزق من يشاء ذكوراً..ويجعل من يشاء عقيماً..ونحن لدينا من ذكور خمسة..”هرول مبتعداً..تاركاً خلفه قلباً دامى ،ضمت الأم الصغيرة بحنو..ترفق بها..تحسن إليها ،كبرت الفتاة لم تر من والدها سوى القسوة..والجفاء..لم يعاملها يوماً كأشقاءها ..ويا ليته يفرق فى المعاملة فقط،بل كان يدعوها أمام الجميع بعمله الأسود،فطنت الصغيرة سبب بغض أبيها وحقده عليها،علمت السبب الذى لم يتعد سوى “لأنها أنثى”فتكيفت مع وضعها،الذى يشمل عدم خروجها من المنزل،أو حتى اللعب مع قريناتها،عالقة هى فى المنزل وليس هناك مفر..لم تعش طفولتها..لم تلتحق بالمدرسة..وفى يوم أعترضت بتلعثم قائلة”أريد التعلم يا أبى ..ولو حتى أذهب للكتاب قرية لحفظ قرآن الكريم”..فلطمها لطمة قاسية شقت شفتها السفلى ليسيل خيط رفيع من دماء ،قال بغلظة “لا أريد سماع هذه الكلمات مرة أخري..فهمتي “قال الكلمة الأخيرة بصوت عالي،فهزت رأسها والدموع محبوسة في محجريهما…..
يعتقد أبى بصراخه الدائم وصفعاته المتتالية،أنه يؤهلنى لمواجهة العالم بدون جبن وضعف،ولم يدري أبداً بأن صفعاته لم تصنع بى سوى أنثى ضعيفة أستوطن الخوف بداخل نفسها كليل مظلم لن تشرق الشمس يوماً عليه،فهناك خلف صراخه وحزامه الذى يترك علامات على جلدى عدة أيام،
خنوع …وجوع..دائم للحنان ،
كنت خائفة على الدوام لم يبارحني الخوف قط طيلة طفولتي ومراهقتي .فردات أفعال أبى غير متوقعة قط ،كان يغضب ويثور لأقل الأشياء..ويعاقبنى بما لا يتناسب بتاتاً مع خطئى الصغير،فهو يؤمن بمقولة (أكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين)
،كنت أحيا دائما متاهبة وعلى إستعداد،دائمة الترقب والإنتظار..يفزعني صوت دخوله للمنزل،وأموت خوفاً عند ندائه
لاسمى حتى لو كان يناديني نداء عاديا،ما زالت تلك اللحظة خالدة في ذهنى وذاكرتى عندما بللت بنطال منامتى خوفاً عند عودته من العمل وندائه بإسمى ؛بسبب حصولى على درجات متدنية فى الصف الرابع الابتدائي،كنت حينذاك عبرت على
أستيحاء…وعندما رآنى بمنامتى المبللة لكمنى لكمة قاسية..شعرت بقواى تخور..التى هى أساساً ضعيفة..شعرت للوهلة الأولى أنها لكمة وجهت لروحي وليس جسدى،