
رواية حذاء فادي – يوسف الدموكي
أتذكر اللسعة القديمة في قدمي، وصوت أمي الذي يتردد في أذني: “من يسرق اليوم حذاءك يسرق غدًا أرضك”، وأتذكر حسن حين شرحها لي في ذلك اليوم البعيد، قال: “تقصد أمك أن مَن تركته يسرق اليوم حذاءك دون أن تقاوم، سيسرق غدًا أرضك دون أن يحارب”، سألتُه حينها: “وما علاقة الحذاء بالأرض؟”، قال: “أنك تملك كليهما”.
هذه الرواية ، أو الحكاية ، من أجمل الروايات وبلاغتها في تاريخ الداموكي ، وهي أقصر من حجم سطورها ، وأطول من حجم ألمها. هذه المرة اخترت مشاركة مشاعري لكتابة مراجعة أدبية ناضجة ، لأننا أمام تحفة أدبية ، وكاتبها له قلب فلسطيني.
ألم أم أمل؟ ليس لدي فكره.
في كل مرة أقرأ فيها قصة عن فلسطين ، ظهرت كتلة في حلقي مرة أخرى ، وأصبحت مرارة أكثر فأكثر ، ربما لأنني قضيت معظم طفولتي مع أصدقاء فلسطينيين.
ذات مرة قضينا وقتًا ممتعًا في بستان تحت شجرة “نبق البحر”. كانت أغصان شجرة “البحر النبق” تتجه بشدة نحو الأرض. سألت أصدقائي وجيراني الفلسطينيين – فتاة ساذجة تبلغ من العمر تسع سنوات -: لماذا تبكين يمكننا جمع المزيد. (بكت لأن السلة التي جمعنا فيها نبق البحر سُرقت أثناء لعبنا).
فأجابتني: تقول أمي لا تتركوا شيئًا يُسرق منكم، حتى لا تُسرق أرضكم.
لذلك من الوهلة الأولى التي قرأت فيها جملة: “من يسرق اليوم حذائك، يسرق غدًا أرضك” بكيتُ، لأنني فهمت ما عجزتُ عن فهمه من كلماتها حينها. وبكيتُ لأنني أفتقدها بشدّة وانقطعت أخبارها عني بعد نحو ثلاثة عشر عامًا قضيناها سويًا.
لا أعلم أين هي صديقتي الآن، ولا أعلم أي بقعة تسكن؛ الأرض أم السماء؟ ولكن إن حدث يومًا وأسعدنا القدر بلقاءٍ سأهديها هذه الرواية وأرفقها بسلّة “نبق”.
في هذه الرُواية، يتناول يوسف الدموكي قضية فلسطين، فإذ به يُمزجُ الأحداث الحقيقية بقصةِ فادي الخيالية، ويُرينا من خلال أعين فادي زاويته الخاصّة للحدث، بأسلوبِه الأخّاذ وبطابعٍ فلسطينيّ مُميز.