رواية روح بلا جسد

يُعج المنزل بالعديد من المصورين ومسئولين إعداد البرنامج… وفي زواية بالردهة تتسلط بقعة من الضوء علي تلك المرأه الشابة التي تجاوزت الحادية والعشرون منذ أيام قليلة.. تجلس علي فخذيها طفلة صغيرة تحمل من البراءة ما يجعلك لا تبرح النظر عنها ، فهي كالملاك الصغير جاء إلي عالم من الجحيم.
صاح صوت مخرج البرنامج:
_ يلا يا أستاذة نهال هنبتدي التصوير .
نظرت المذيعة إليها واضعة يدها علي كتفها لتطمأنها، فقالت:
_ جاهزة يا روح؟.
أومأت لها روح بنظرة تخبرها لا أملك سوي تلك الفرصة حتي تصل صرخاتي إلي القانون لكي يجلب لي حقي وحق إبنتي التي جاءت عنوة إلي هذه الحياه المليئة بوحوش ضارية علي هيئة بشر، لايفقهون معاني الرحمة والشفقة.
صاح المخرج مرة أخري ليعلن بدأ التصوير:
_ كله يجهز… 3 .. 2 ..1.
إبتعدت شفتيها لتخرج كلماتها بنبرة هادئة من قلب مقهور:
_ أنا إسمي روح مصطفي السيد … عندي 21 سنة … حكايتي بدأت من تلات سنين.

 

_ دوي صدي الحلقة في الأرجاء وتناولها الكثير علي مواقع التواصل الإجتماعي حتي أصبحت كما يقولون ترند شهير بهاشتاج
( # حق _ روح _ لازم _ يرجع.)
وتناولت العديد من البرنامج قضية روح في حلقاتها و الكل يطالب بسرعة القبض علي المغتصب والحكم عليه بأغلظ عقاب رادع حتي يكون عبرة لكل شاب تسول له نفسه ويتعدي علي ما هو ليس ملكه أو حق له.

وبالفعل بعدما أصدر قرار النائب العام بإلقاء القبض علي راجح الأنصاري، و وجدوه في إحدي القري النائية لدي إحدي معارف والده الذي لم يتحمل الصدمة ودلف المشفي بعد إصابته بذبحة صدرية حادة.

قامو بأخذ عينة من راجح ومن الصغيرة والقيام بتحليلهما، وبالفعل ظهرت النتيجة بعد يومين أو ثلاث من الإجراءات الروتينية و هي أن حياة إبنة راجح الأنصاري بعض تطابق حمضهما النووي، وأخلي سبيله بعد ذلك و لكن هناك خطوة أخيرة والتي تتم الآن في قاعة المحكمة وأمام القاضي الذي يقول:

_ مدام روح، دلوقتي معاكي مايثبت إن راجح حامد الأنصاري هو والد إبنتك حياه، لكن عشان يتم تسجيل هذا في شهادة ميلاد رسمية للطفلة لابد من وجود عقد زواج رسمي موثق بينك وبين المدعي عليه ، وفي تلك الحالة هتسقط تهمة الإغتصاب عنه إذا تم الزواج.

قالت روح للمحامي الخاص بها:
_ إستحالة ده يحصل، إزاي! وحقي؟.

أومأ لها المحامي وأجاب:
_ للأسف يا مدام روح سيادة القاضي كلامه صح، عشان نثبت نسب بنتك رسمي بشهادة ميلاد لازم نحلها ودي وهو راجح الأنصاري يكتب عليكي رسمي وبالعقد نسجل الطفلة وممكن تطلقي منه بعد كده.

صاحت والقهر ينهش قلبها الملتاع:
_ طب وحقي؟.

نظر لأسفل مجيباً بحزن وأسف :
_ ده قرارك أنتي في النهاية.

أغمضت عينيها وهي تكبت عبراتها بصعوبة، تلفتت من حولها تنظر إلي عمها و والدها و والدتها وثلاثتهم يرمقونها بقلة حيلة، فهي الآن في مأزق وحالة ترثي لها، ألقت نظرة علي صغيرتها النائمة بين زراعي والدتها والألم يزهق روحها لاتعلم ماذا ستقرر، هل تتنازل عن حقها و حياتها التي دُمرت علي يد شاب مدمن و عديم الأخلاق والتربية و فوق هذا وذاك لم يتم معاقبته بل ولسخرية القدر لابد أن يصبح زوجها!.
ما أصعبه إختياراً يا الله، تقدمت نحو منصة القاضي ومستشاريه بخطوات و دقات قلب تدوي في أذنيها، وقفت بصمود تزدرد ريقها، تفوهت بإقتضاب:

_ أنا عايزة العدل! .

 

اترك رد

يجب عليك تسجيل الدخول لإضافة مراجعة
لا توجد مراجعات حتى الآن
يجب عليك تسجيل الدخول لإضافة مراجعة
لا اقتباسات حتى الان
لا يوجد قراء حتى الآن
مشاركة
طرقات مختلفة
قصص قصيرة متنوعه من واقعنا الحالي
جميع الحقوق محفوظة
%d مدونون معجبون بهذه: